تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تدهوراً متسارعاً في الأسابيع الأخيرة وسط سلسلة استفزازات عسكرية وتوقف المحادثات النووية وتحول في الديناميكيات الدبلوماسية، مما يزيد من احتمالات مواجهة مباشرة بين القوتين، وفقاً لتقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية.
ورغم إعراب الطرفين عن رغبتهما في تجنب حرب واسعة النطاق، يرصد هذا التقرير الذي نشره موقع newsweek الأمريكي خمسة مؤشرات تدل على تزايد خطر الصراع المباشر بينهما في ظل استمرار الخلافات حول الملف النووي الإيراني وتوسع نفوذ طهران العسكري في منطقة الشرق الأوسط.
وتتمثل أولى هذه العلامات في تعزيز الولايات المتحدة وجودها العسكري بشكل ملحوظ في المنطقة، حيث نشرت في مايو/أيار 2025 أربع قاذفات قنابل B-1B إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي الواقعة على بعد حوالي 3218 كيلومتراً من إيران. وتضم القاعدة أيضاً ست قاذفات من طراز B-2 Spirit الشبحية كجزء من مهمة فرقة القاذفات المستمرة.
وتعمل حاملتا طائرات أمريكيتان - يو إس إس هاري ترومان ويو إس إس كارل فينسون - في البحر الأحمر وبحر العرب على التوالي، في خطوة تعكس حالة تأهب متزايدة في واشنطن وتمثل رسالة ردع واضحة لطهران.
أما العلامة الثانية، فتتجلى في التقدم العسكري الإيراني الملحوظ، خاصة في قدرات الحرب غير المتماثلة. فقد كشفت إيران مؤخراً عن قاعدة طائرات بدون طيار تحت الأرض مصممة لإيواء طائرات استطلاع مثل "مهاجر-6"، مما يمكنها من مراقبة التحركات البحرية الأمريكية في الخليج.
كما أدخلت طهران صاروخ "قاسم باسير" الباليستي متوسط المدى الذي يصل مداه إلى 1200 كيلومتر، والمصمم للتهرب من أنظمة الاعتراض الأمريكية مثل "ثاد"، مما يشكل تحدياً مباشراً للهيمنة العسكرية الغربية وتهديداً للحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.
وتبرز العلامة الثالثة في دور إسرائيل المتزايد بالمواجهة، إذ حذرت تل أبيب منذ فترة طويلة من توسع النفوذ العسكري الإيراني وأشارت إلى استعدادها للتصرف منفردة إذا اقتضت الضرورة. وأدى انفجار وقع مؤخراً في ميناء بندر عباس الإيراني إلى تأجيج الشكوك بشأن تورط إسرائيل، رغم تأكيد السلطات الإيرانية أنه نتج عن إهمال.
وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي كاتز: "من يؤذينا - سنضرب سبعة أضعاف"، رابطاً إيران مباشرة بالهجمات بالوكالة ومؤكداً حق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد وأي عدو".
وتتمثل العلامة الرابعة في زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط، حيث من المقرر أن يشرع في جولة دبلوماسية تشمل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات، بهدف تعزيز التحالفات ومواجهة التحديات الأمنية المتزايدة التي يطرحها التنامي العسكري الإيراني.
ويعد استبعاد إسرائيل من مسار الرحلة أمراً مفاجئاً نظراً لأهميتها الاستراتيجية للسياسة الأمريكية في المنطقة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يعكس تحولاً تكتيكياً أو محاولة لتهدئة التوترات مع إيران.
أما العلامة الخامسة والأخيرة فتتعلق بالمحادثات النووية المتعثرة، إذ من المقرر عقد جولة رابعة - تأجلت سابقاً - يوم الأحد في عمان. وتطالب واشنطن بوقف تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات، بينما تتمسك طهران بحقها في التطوير النووي السلمي وتنفي نيتها بناء أسلحة نووية.
ومع قلة التقدم المحرز وتآكل الثقة بين الطرفين، تبدو النافذة الدبلوماسية آخذة في الضيق، مما يزيد من خطر تحول التوترات الإقليمية إلى صراع مفتوح.
وخلص التقرير إلى أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان خفض التصعيد لا يزال ممكناً، أم أن المواجهة أصبحت حتمية.
المحرر: حسين صباح