سجّلت المملكة البريطانية المتحدة طفرة جديدة في مجال الطب الدقيق، مما يتيح تطوير علاجات أكثر استهدافاً وأقل سمية للأطفال المصابين بالسرطان. وقد أظهرت المرحلة الأولى من "برنامج الطب الأطفال الطبقي" إمكانيات الاختبارات الجينية المتطورة في تحسين بروتوكولات علاج المرضى الصغار الذين يواجهون انتكاسات.
تحليل الأورام عبر الدم
يهدف برنامج "الطب الأطفال الطبقي" (SMPaeds1) إلى فهم كيفية تطور سرطانات الأطفال منذ التشخيص وحتى الانتكاس. من خلال دراسة الأورام في مراحل مختلفة، استطاع المشروع تقديم رؤى جديدة حول التغيرات الجينية التي تحدث مع تقدم المرض. قاد الباحثون في معهد أبحاث السرطان في لندن هذا الجهد، مستخدمين الحمض النووي للورم المنتشر (ctDNA) كأداة لتتبع هذه التغيرات.
يعتبر فحص الحمض النووي للورم المنتشر بديلاً غير تدخلي للخزعات التقليدية، حيث يستخرج شظايا صغيرة من الحمض النووي تُفرز في الدم بواسطة الخلايا السرطانية. هذه الطريقة لا تقلل فقط من الحاجة لإجراءات جراحية، بل تقدم أيضاً صورة متكاملة لتغيرات الطفرات الورمية مع مرور الوقت.
دراسة رائدة في علم الأورام
في 4 فبراير، نُشرت أكبر دراسة من نوعها في مجلة "Cancer Discovery"، والتي دمجت بين مطابقة الحمض النووي للورم المنتشر وتحليل الأنسجة، تحت إشراف البروفسور لويس تشيسلر. وأكدت الدكتورة سالي جورج أن تحليل الحمض النووي قد يكشف عن طفرات إضافية لا تتضمنها الخزعات التقليدية، مما يمهد الطريق لتطبيقات سريرية جديدة.
التحول من البحث إلى التطبيق
يتجاوز تأثير هذا البحث مجرد الاكتشافات العلمية؛ حيث أعرب عمار نهر، الرئيس التنفيذي لجمعية الأطفال المصابين بالسرطان في المملكة المتحدة، عن تفاؤله بالمشاركة في تطوير الطب الدقيق. وأكد أن هذه المبادرات تمثل خطوة هامة نحو تحقيق هدفهم في إنقاذ كل طفل وشاب من مرض السرطان.
توسيع نطاق البحث
استنادًا إلى نجاح المرحلة الأولى، بدأت المرحلة الثانية من البرنامج بتمويل مشترك من عدة مؤسسات. تهدف هذه المرحلة إلى توسيع نطاق النهج ليشمل سرطانات الدم والأورام الصلبة، بما في ذلك الأورام الموجودة في مناطق صعبة مثل الدماغ والعظام.
آفاق جديدة في العلاج
يمثل دمج المعلومات الجينية في الممارسات السريرية تقدماً كبيراً في الطب الشخصي. يمنح هذا البحث المبتكر الأمل للعائلات في جميع أنحاء المملكة المتحدة، ويقربنا من مستقبل يتسم بعلاجات أكثر دقة وأقل إرهاقاً للأطفال.
ومع تقدم المرحلة الثانية من البرنامج، يبقى التركيز على تحويل الاكتشافات العلمية إلى حلول عملية، مما يعيد تشكيل أسس رعاية مرضى السرطان الأطفال، مع إمكانية إجراء فحص دم واحد لتوفير المعلومات اللازمة.
المحرر: حسين هادي