هذا هو البيان الثاني للمرجعية الدينية خلال أسبوع حول العدوان على إيران، وقبل قراءة بعض فقراته.. يجب أن نفهم الحقائق الخمس التالية:
الأولى: إيران ليست غزة ولا يمكن الاستمرار بالعدوان عليها دون أن تنزلق الأوضاع وتتفجر أكثر وتدخل في مرحلة المجهول.
الثانية: إيران هي المعتدى عليها ولا يمكن أن تجلس متفرجة على هذا العدوان.. ويطلب منها التوقف عن الدفاع عن نفسها.
الثالثة: لا يمكن التفاهم مع الكيان الصهيوني ليس لمجرد أنه كيان غير شرعي.. بل لأنه ليس نظاماً من الأساس بل حفنة من رجال العصابات والقتلة.
الرابعة: أمريكا في عصر ترامب تحولت أيضاً إلى رجل عصابات يهدد العالم، فإيران كانت تفاوض وتطلب السلام بينما تم الهجوم عليها.
الخامسة: الأمل الوحيد المتبقي هو تحرك عقلاء العالم لحفظ ما تبقى من قوانين وأعراف دولية.. وبدون ذلك فسيحترق الجميع.
"تجدد المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف إدانتها الشديدة لتواصل العدوان العسكري على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأي تهديد باستهداف قيادتها الدينية والسياسية العليا".
هناك أمران يجب إدانتهما.. أصل العدوان.. وتهديد القيادات.. لأن القوانين الدولية تمنع التهديد بقتل زعماء سياسيين لدول أخرى مهما حصل.
هذه بلطجة بمعنى الكلمة.. وإذا مارست إسرائيل بلطجتها على أقوى دولة في الخليج.. فما الذي يمنعها من تكرار ذلك مع الجميع؟.
"وتحذر من أن القيام بخطوة اجرامية من هذا القبيل - بالإضافة إلى تجاوزه الواضح للمعايير الدينية والأخلاقية وانتهاكه الصارخ للأعراف والقوانين الدولية - ينذر بعواقب بالغة السوء في أوضاع هذه المنطقة برمّتها".
الأمر لن يتوقف عند التهديد بقتل السيد الخامنئي.. هناك مشروع يتجاوز ذريعة الملف النووي ويستهدف إخضاع المنطقة إلى الأبد (الشرق الأوسط الجديد).. وعلى دول المنطقة أن تفهم هذا النوع من الكلام الذي يطلقه سماحة السيد.. بأن المنطقة برمتها ستصبح أسيرة الغول الجديد (إسرائيل) إذا لم يتحرك الجميع لوقف الأحلام الامبراطورية لنتنياهو وترامب.
"وربما يؤدي إلى خروجها عن السيطرة تماماً وحدوث فوضى عارمة تزيد من معاناة شعوبها وتضر بمصالح الجميع إلى أبعد الحدود".
هذا الكلام موجه بالدرجة الأساس لدول الخليج.. وثانياً إلى الصين.. بأن عليهم بذل جهود مضاعفه لإيقاف هذه الحرب.. لإنه لو اندلعت الحرب الكبرى فإن إيران لن تختفي من الوجود.. لكنها ستتحول إلى كتلة لهب.. وأول المحترقين الخليج والصين.
فكرة الحماية الأمريكية لن تنجح إذا (خرجت الأمور عن السيطرة) ولا حاجة لتجربة ذلك.. لأن هكذا تجارب لا تحصل إلا مرة واحدة.
"ومن هنا فإننا نناشد جميع الجهات الدولية الفاعلة ودول العالم ولا سيما الدول الإسلامية أن يبذلوا قصارى جهودهم في سبيل وقف هذه الحرب الظالمة".
توجد الكثير من النخب العالمية، ودعاة السلام في العالم، سيما العالم الإسلامي.. والكثير من المنظرين العرب والأمريكان وغيرهم.. يتعاملون مع مرجعية النجف الأشرف على أنها ركن من أركان السلام والاعتدال.. ومن هذا المنطلق تأتي مناشدة سماحة السيد لهذه الأطراف بالتحرك والضغط.. وهي ليست قليلة ولا ضعيفة التأثير.. فقط تحتاج إلى تبني موقف واحد ضد إسرائيل.
في الأوساط الخليجية يوجد احترام كبير لسماحة السيد السيستاني دام ظله.. لأنهم يرونه عنصر هدوء في المنطقة.. وتستطيع هذه الأوساط بعد أن وهبت ترامب ترليونات الدولارات.. أن تضغط وتطالب (وهي ليست خائفة وتابعة بالمطلق كما يصورها الإعلام) فعليها بالتحرك وفهم أن ما يجري في إيران لايخص إيران.. وليس فرصة لتقليم أظافرها كما يحب بعض الخليجيين.
إن المراهنة على وجود خطين أو رؤيتين للتشيع.. خط تمثله النجف وآخر تمثله ولاية الفقيه.. لن تنجح هذه المرة.. فالنجف ترى ظلماً وقع على قم.. وتناشد العالم للتدخل قبل أن يتضرر الجميع.
"وإيجاد حلّ سلمي عادل للملف النووي الإيراني وفق قواعد القانون الدولي".
وهنا مربط الفرس.. فإيران تريد حلاً سلمياً وعادلاً.. وعلى عقلاء الدول تحقيق ذلك بالتفاوض والاستماع إليها.
أما الحلول العسكرية.. أو الحلول الجائرة.. فلن تتحملها إيران وستستمر في القتال حتى النفس الأخير.. وهي ليست غزة لتبقى النار محصورة فيها.
هذه كلمات وهموم رجل يكاد يبلغ المائة من السنين.. ويريد أن تبقى بقية قانون واحترام وسلام في هذا العالم.. ويضع تجاربه بين يدي الجميع.. بأن الدماء أثرها بالغ الأذى على الكون كله.. فاتقوا الله في الدماء التي يسفكها هذا العدو المجرم.. وتحركوا لإيقافها.